شكل الشخصية الرئيسية في هذه القصة مهاجر أميركي عاش في "أوروبا" ويدعى "بنجامن طومسون". قام "طومسون" بتجارب محيرة جداً على حركة الضوء.
لكنه بدأ هذا لأنه حاول أن يوفر مال أرباب عمله في مدينة "ميونيخ".
أسدت إليه سلطات "ميونيخ" عملاً غاية في الأهمية والذي يتضمن أن يخلي شوارع "ميونيخ" من كافة المتسولين ويجمعهم في إصلاحية للأحداث مصممة حديثاً بناها "بنجامن طومسون". كافأته السلطات بأن منحته لقب كونت، فصار الكونت "رومفورد".
احتاجت الإصلاحية إلى الإضاءة، فقرر "رومفورد" أن يجري سلسلة من التجارب الشديدة الدقة لإيجاد وسيلة الإضاءة الأكثر رخصاً يمكن الحصول عليها.
أراد أن يقارن بين نور شمعة ساطع ونور الشمس الساطع وكي يتمكن من ذلك،
كان عليه أن يحجب أشعة الشمس التي تدخل مختبره،
فاستخدم سلسلة من مرشحات ملونة. لكنه عندما وضع المرشحات الملونة أمام المصابيح لاحظ أمرًا رائعاً.
عندما استخدم مرشحاً أحمر اللون، تحوّل ظل المصباح الذي كان أسود اللون إلى أحمر.
لكن ظل مصباح قريب تحوّل إلى لون أزرق فيروزي رائع.
كان يمكن تفسير الظل الأحمر بوجود المرشح الأحمر اللون،
لكن من أين جاء اللون الفيروزي؟
حاول "رومفورد" أن يزيل من حقل بصره كل شيء باستثناء الظل الفيروزي.
فقرر أن ينظر إلى الظل الفيروزي من خلال أنبوب مطلي بالأسود من الداخل.
فكان ما شاهده مفاجئاً أكثر. ذهل "رومفورد" عندما شاهد أن الشيء الوحيد ضمن حقل بصره عندما استخدم الأنبوب كان الظل الأزرق وقد اختفت زرقته.
عجز عن رؤية أي تبدل في اللون مهما فعل مساعده،
بل شاهد ظلاً متسقاً. يرى شخصان الشيء نفسه بطريقة مختلفة، فهناك إذن تفسير واحد فقط.
هذه الألوان التي نراها في الواقع هي نتيجة عمل عقلنا.
ليست موجودة في العالم. برهن "رومفورد" ولأسباب لم يفهمها،
أن العقل البشري يستطيع أن يضيف ألوانه الخاصة في لون ظل رمادي شاحب اللون.
أمل "رومفورد" أن يكون تأثير اكتشافه على مستقبل الفن والرسم ثورياً وهذا ما حصل.
أدرك الرسامون المعاصرون مثل "جوزيف تورنر" أن الظلال الملونة تجعل من لوحاتهم أصلية أكثر وحقيقية سيكولوجياً.
هذه لوحة "المتهور المقاتل" بدلاً من أن يكون جانب زورق القطر المظلل رمادياً، نجد فيه مسحة من اللون البنفسجي.
ارتأى "رومفورد " أن تضمّن واقع أن الألوان يصنعها العقل جزئياً تتخطى اللوحة.
كان لـ"رومفورد" حلم. إذا كانت الألوان وهمية فيجدر به أن يتمكن من استخدامها لتسلية الأفراد.
طرأت له فكرة استخدام البيان القيثاري لإطلاق أضواء ملونة،
يضغط على مفتاح فيظهر لون.
دعى "رومفورد" أداته بالبيان القيثاري البصري.
لم يصنع أداة قط في الواقع إذ كان يصعب تنفيذها مع تكنولوجيا القرن الـ18.
فتطلب تحقيق حلم "رومفورد" في الضوء والموسيقى مائتي عام.
لكن عام 1700 كان الأفراد يراقبون أشكال الضوء واللون أكثر فأكثر والتي كانوا يعجزون عن تفسيرها.
ما الذي تسبب بعمى "جون دالتون" اللوني ؟ ما الذي كان يتسبب بظلال "رومفورد" الملوّنة؟
كان ثمة حاجة لتحقيق تقدم في مفهوم حقيقة الضوء.
فتحقق هذا التقدم في أوائل عام 1800م لكن لم يحققه امرئ كان يبحث في الضوء، بل امرئ يبحث في الصوت.
كان محور هذه القصة طالب طب في جامعة " كامبريدج " ثرياً ومبكر النضج يدعى "طوماس يانغ". بصفته طالب جامعي وثري أيضًا، أحب "طوماس يانغ" امتطاء الجياد والموسيقى والمراهنة. وثمة رهان مسجل في "كتاب المضاربة" في الجامعة، وضعه "طوماس يانغ" الطالب قبل أن يتخرج،
بأنه سيكتب أفضل أطروحة قط عن الصوت. ظن انه فعل،
لم يقدم أحد أطروحة في هذا الموضوع فخسر الرهان.
لكن الأطروحة أفادت أنكم إذا أصغيتم بجهد لأنابيب الأرغن تجدون حل لغز كيفية انتقال الصوت.
خبأت أطروحة "يانغ" عن الصوت حقيقة مذهلة تتعلق بالضوء.
كان اهتمامه الأول البحث في واقع عرفه الأفراد منذ العصور القديمة.
ينتقل الصوت على شكل موجات. مثلاً تذبذب أعمدة من الهواء صعوداً ونزولاً في أنابيب الأرغن مثل خرير الماء المتحرك ذهاباً وإيابا في بحيرة.
درس "يانغ" أساليب تحرك الموجات الفريدة والمميزة،
خصوصاً عندما تتداخل. تخيلوا أنكم تعزفون نغمة وحيدة على أرغن وتبدو صرفة.
إذا أضفتم نغمة أخرى غير متناغمة،
تشرعون في سماع نقرات متعلقة بفرق التردد بين النغمتين.
إذا التقت موجتان، يمكنهما أن يزيدا أو يطرحا منهما.
تحصلون على ذبذبات من الزيادة والفرق.
حقق "يانغ" قفزة كبيرة من الخيال.
أدرك أن الضوء يجب أن يعمل بأسلوب الصوت نفسه.
إذا أضأتم شعاعاً من الضوء من خلال بطاقة تتضمن شقين في داخلها،
فمع ظهور شعاعي نور من الشقين موحدين مجدداً،
تشاهدون نموذجاً من نطاقين أحدهما ساطع والآخر مظلم.
يلغي شعاعا الضوء أحدهما الآخر في أمكنة في الخارج كما تفعل موجتا الصوت.
ما قد يعني أمرًا واحداً فقط، الضوء موجة مثل الصوت.
يستند كل شيء اليوم، بدءاً من تصميم النسيج الليفي البصري وصولاً إلى النظارات،
على فكرة أن الضوء موجة.
لكن شكل هذا في تلك الفترة فكرة لا تصدق،
إذ بدءاً من "نيوتن" كانت الفكرة الموجودة عن الضوء أنه تدفق من جسيمات أو جزيئات صغيرة جداً، فووجهت فكرة "يانغ" المتطرفة بضحكات ساخرة
.
كانت محاضرات "يانغ" حول نظريته الجديدة أن الضوء ينتقل في موجات مثيرة للجدل،
إذ كان يعارض مئة وخمسين عام من أشكال الضوء كجسيم.
اعترض "يانغ" والمثل الذي طرأ له كان بركة.
فكروا بأمواج على سطح بركة فيمكنكم رؤية كيفية تحرك الضوء.
شكلت محاضرات "يانغ" بنموذجها المائي للنور برهاناً قوياً لنظرية موجة جديدة تشرح كيفية رؤيتنا وكيفية انتقال الضوء