وُلد مايكل أنجلو في 6 مارس 1475م في قرية كابريز في فلورنسا (في إيطاليا).
وهو من عائلة بيونروتي المرموقة.
مارس مايكل انجلوا (1475-1564م) النحت من صغره
و بلغ فيه شأناَ لم يبلغه فيه فنان قبله. عندما بلغ سن السابعة و الثلاثين كان قد حقق قمة شهرته و أصبح معروفا في سائر البلاد على أنه أبرع و أدق مثال.
ورغم تفوقه هذا فلم يكن نشاطه الفني مقتصرا على النحت فقط
بل تعداه إلى مجالات فنية أخرى منها:
1- الرسم و التلوين:
فقد أبدع في عدة أعمال في مجال التصوير
وعهد إليه وليوناردو دافنشي (تزيين أحدى قاعات فلورنسا.
و انقسمت المدينة إلى معسكرين متحمسين لأكبر عبقريتين في عصر النهضة و خرجت ريم مايكل أنجلو للمشروع مفعمة بعمق التعبير
و بتجريد معنى الأحداث و المعارك
في حين جاء رسم ليوناردو تحليلية مسجلة لدقائق الحدث )
وأعظم عمل نفذه في مجال التصوير هو تزيين سقف معبد ستاين في روما بالفاتيكان وقد كان عملا شاقا ظل يمارسه و هو مستلقي على مسافة قريبة من السقف لا تتيح له فرصة النظر للعمل من بعيد و من أشهر أعماله أيضا المحاكمة الأخيرة.
2- الشعر:
كان مايكل انجلوا شاعرا قديرا قد ملك ناصية التعبير
وكانت بعض أشعاره تدور حول معاناته أثناء رسم سقف السيستاين
يتصور حالته بطريقة ساخرة و أسلوب لماح.
3- المعمار:
أهم أعماله المعمارية كان تصميم مكتبة لورنازينا و تصميم معبد مديشي.
4- النحت:
و هو مجاله الذي برع فيه فقد أبدع في عدة أعمال فنية
أهمها تمثال داوود و تمثال الرحمة و تمثال موسى و تمثال هرقل
و باخوس وعدداَ من مشروعات تماثيل لم تكتمل.
توفي مايكل انجلوا عام 1564و قد قال قبيل وفاته
(إنني أشعر بالأسى لأنني أموت قبل أن أقدم كل ما بنفسي مما يحقق سلامها
أشعر بأني أموت عندما تعلمت فقط عندما أتهجأ حروفا فن ).
لا يقف مايكل انجلو عند حدود إطار حياته بين مولده على مشارف فلورنسا في 6 مارس سنة 1475 وموته بروما في 18 فبراير 1564
كما أنه يظل عند نطاق مكانه وعصره عصر النهضة الإيطالية وانما يتخطى حدود العصر والمكان محلقا في أفق الإنسانية كلها كرمز لعبقرية أبدعت في أربعة فنون كبرى النحت والتصوير والعمارة والشعر وكمصور
من صراع الإنسان ضد القدرة ونزاعه الدائم معها
وعذاب الروح الاسيرة وهي تتخبط في ظلام الدنيا
كان ميكل انجلو في حياته التي أوشكت أن تكتمل قرنا من الزمان رمزا للصراع المتصل بين عبقرية بطولية وإدارة صريعة الأسى والقلق والعذاب.
لقد ذاق غيره من أبطال الإنسانية مرارة هذا الصراع ولكنه انتصروا عليه أما هو فظل أسيرا له يستعذبه ويطوق نفسه بخناقة وكأنه لا يريد الخلاص منه.
كان دانتي مثله يعاني مأساة هذا الصراع
ولكنه كان في قرارة نفسه ابن المرح المسرة وإن لم يجد من حياته وظروفه صفوا يستبقى هذا المرح أما ميكل أنجلو فكان ابن الأسى والصراع كلماته تنطق به
" إن راحتي في الأحزان
وآلاف المسرات لا تساوي عاصفة من عواصف الروح ".
ولئن كان في نفسه تجاذب إلى الحزن والصراع والقلق محيط حياته كان أرضا خصبة لهذه النفس المعذبة العليلة صاغ هذا المحيط من الأحداث
وأوجد من الأشخاص ما جعل هذه الصورة الحزينة المتكسرة تلقي كل أبعادها وعمقها فهو لم يكد يولد
حتى فقد أمه في طفولته وعاش في رعاية مرضعته زوجة قطاع أحجار
,كان ينسب إليها أنها أرضعته مع لبنها موهبة النحت
ووجد هواه من صباه مع الفن فالتحق بمرسم دومينكو جيرلاندايو
أكبر أساتذة الرسم في فلورنسه ولكنه كره الرسم وتطلع إلى النحت
لأنه يحقق أحلامه البطولية
والتحق بمدرسة لورنزو دي مديتشي بحدائق سان ماركو
ولقي من الامير رجال الفكر والفن في ايطاليا تقديرا واهتماما
فعاش في قلب النهضة الإيطالية
وتتلمذ على يد برتولدو الذي تلقى تعاليمه من دوناتللو في فن النحت
وارتبط عن طريقه بالاقدمين .
وفي جو آل مديتشي بين تعاليم أفلاطون
ومثل الحياة الفكرية في عصر النهضة كان العالم الوثني والديني المسيحي يتصارعان في نفسه
ولكنه كن في هذه الفترة إغريقيا ينحت الساتير وابولون ومعركة القنطورس .
ولا تلبث روحه المولعة بالعذاب أن تتطلع خلف أسوار حديقة سان ماركو بجوها الأفلاطوني إلى لهيب الصراع الديني والاجتماعي الذي يشعله سافونارولا
ويمضي ميكل انجلو تابعا له متأثرا به
وإن لم يبد هذا الأثر في فنه خلال هذه الفترة ويشارك الفنان الشاب في هذه الأحداث وتلظى نفسه باللهيب الذي احرق جثمان سافونارولا في ثورة عارمة ....
ويصوغ في هذه الفترة من أساه وحزنه وهو شاب في الثالثة والعشرين ،
تمثاله الشهير – الرحمة – القائم في كنسية القديس بطرس ممثلا حوار هذه النفس الدائم مع الأسى وينحت بعد تمثال الرحمة تمثاله العملاق – داوود -
فتلفت عبقريته البابا يوليوس الثاني الذي كان يحلم باستعادة روما مكانتها كمركز لاشعاع ثقافي للعالم ،
ويدعو البابا النحات الفلورنسي إلى روما ليقيم مقبرة له تكون صرحا مشيدا من الفن العظيم .
وتتوافد على نفس الفنان أحلامه العملاقة التي ضاقت عنها أعمال شبابه فلا تمثاله هرقل بقوته الخارقة ولا تمثاله باكوس المليء بالحياة ولا تماثيل المذابح الكنائسية قد أرضت طموحه العارم وتطلعه
وإنما هو يحلم بصرح كبير يحيط به أربعون تمثالا ملحمة من المرمر يسجل في مقاطعتها أعماقا من تأملاته وفكره ...
وكان مايكل انجلو قد انتهى في هذه الأيام من مشروع وضع فيه قدراته كرسام حين عهد إليه مع ليوناردو دافنشي .بتزيين إحدى قاعات فلورنسه .
وانقسمت المدينة إلى معسكرين متحمسين لأكبر عبقريتين في عصر النهضة ، وخرجت رسوم مايكل انجلو للمشروع مفعمة بعمق التعبير الذي كان شاغل نفسه وبتجريد معنى الأحداث والمعارك وتحويلها إلى رموز ،
في حين جاءت رسوم ليوناردو تحليلية مسجلة لدقائق الحدث وكان هذان العملان مدرسة لعصرهما ، استوحى منهما رافاييل وبارتولوميو واندريادلسارتو من عباقرة شباب عصر النهضة . ولكن مايكل انجلو يرى في النحت هبة حياته ومن اجل هذا كانت حماسته لمشروع يوليوس الثاني الذي هجر من اجله فلورنسه إلى روما
... وامتد هذا الحماس إلى البابا الكبير فارسل مايكل أنجلو إلى محاجر كرارا لينقي أحجار صرحه ...
وكان الفنان سعيدا بهذا التكليف فهو يود أن يكون المبدع الكامل لعمله ،
النحات والصانع والمهندس معا ولكن خط الصراع وهو خط من محاور حياته يضيق عليه الخناق ويتحرك في شخص برامانتي المهندس وغيره من معاصريه فيقضي مايكل أنجلو عن البابا ويقف العمل في حمله الكبير تنتزعه منه نزوة من نزوات يوليوس الذي كلفه بتزيين سقف مصلى السستينا ..
كن مايكل أنجلو يؤمن أن التصوير أدنى من النحت وأنه فن حسي لا يتسع لحمله العميق
ولكنه لم يستطع التحلل من تكليف البابا
وأخذ يفكر في أسلوب جديد لعمله يتفق ونداء النحت في نفسه
... يقول مايكل أنجلو : "
إن التصوير يرتفع من النحت والنحت يهبط حين يقترب من التصوير " .
وقد أراد أن يترجم عبارته في الرموز التي أعدها ليخاطب بها الناس من قبة السستينا رموز زادت على الثلاثمائة رسم ،
ارتفع بها عن إتقان مدرسة فينسياز انشغالها بروعة الألوان .
وعن التعبير عن المعنى المادي للاشياء المرئية في مدرسة فلورنسه ليكمل البذرة التي تنبت في فن جيوتو وأينعت في فن مازاشيو وليصور بأسلوب عملاق قريب من النحت نشأة الدينا التي نبتت في فن الإنسان وخروج النور من الظلام والخطيئة والطوفان وجعل الجسم الإنساني مسرحا للتعبير عن أعمق المشاعر والأحاسيس وأودع التصوير رموزا عملاقة تحكي قصة الدنيا.
أتم أنجلو سقف كنيسة السستينا حوالي سنة 1512 .
وعاد مرة أخرى إلى حلمه الكبيرصرح يوليوس الثاني
ولكن البابا لا يلبث أن يموت وينتخب مكانه ليو العاشر ...
ويأخذ مايكل انجلو في هذه المرة ينحت تمثاله العظيم – موسى – وتماثيل العبيد
فلا يلبث البابوات الجدد من آل مديتشي أن يستخدموه ليخلد مجد أسرتهم
وكما دفعه يوليوس الثاني إلى التصوير دفعه آل مديتشي إلى فن العمارة
إذ كلفه ليو العاشر بتصميم واجهة كنيسة سان لورنزو ومصلى آل مديتشي
ويقبل مايكل أنجلو هذين التكليفين بحماسة قائلا
: " إن لدى إرادة تحقيق هذا العمل
الذي سيكون مرآة العمارة والنحت لإيطاليا كلها " .