أمير جاد خادم المنتدى
عدد الرسائل : 477 تاريخ التسجيل : 06/01/2008
| موضوع: روح القدس للجيلي الجمعة فبراير 01, 2008 1:05 am | |
| روح القدس للجيلي
اعلم ان روح القدس هو روح الأرواح
وهو المنزه عن الدخول تحت حيطة كن . فلا يجوز ان يقال فيه إنه مخلوق .
لأنه وجه خاص من وجوه الحق قام الوجوه بذلك الوجه
فهو روح لا كالأرواح لأنه روح الله .
وهو المنفوخ منه في آدم واليه الإشارة بقوله تعالي
( ونفخت فيه من روحي )
فروح آدم مخلوق وروح الله ليس بمخلوق فهو روح القدس ،
أي انه الروح المقدس عن النقائص الكونية وذلك الروح
هو المعبر عنه في الآية بقوله ( فأينما تولوا ....فثم وجه الله )
يعني هذا الروح المقدس الذي اقام الله به الوجود الكوني بوجود
اينما تولوا بإحساسكم في المحسوسات أو بأفكاركم في المعقولات
فإن الروح المقدس متعين بكماله فيه ،
لأنه عبارة عن الوجه الإلهي القائم بالوجود ،
فذلك الوجه في في كل شئ هو روح الله ،
واعلم ان كل شئ من المحسوسات له روح مخلوق قام به صورته .
فالروح لتلك الصورة كالمعني للفظ ثم ان لذلك الروح المخلوق روحا الهيا
قام به ذلك الروح وذلك الروح الإلهي هو روح القدس
فمن نظر الي روح القدس في الإنسان رآها مخلوقة لانتفاء وجود قديمين
فلا قدم الا لله تعالي وحده ويلحق بذاته جميع أسمائه وصفاته
لاستحالة الانفكاك وماسوي ذلك فمخلوق ومحدث فالانسان
مثلا له جسد وهو صورته وروح وهو معناه وسر ، وهو الروح ،
ووجه وهو المعبر عنه بروح القدس وبالسر الإلهي والوجود الساري
فاذا كان الأغلب علي الإنسان الأمور التي تقتضيها صورته
وهي المعبر عنها بالبشرية وبالشهوانية فإن روحه فإن روحه
تكتسب الوجود المعدني ( الصورة العنصرية ) الذي هو اصل الصورة
ومنشأ محلها حتي كادت ان تخالف عالمها الأصلي
لتمكين المقتضيات البشرية فيها فتقيدت بالصورة عن اطلاقها الروحي ،
فصارت في سجن الطبيعة والعادة
وذلك في دار الدنيا مثال السجين في الدار الأخرة
بل عين السجين هو ماستقر فيه الروح ،
لكن السجين في الدار الآخرة في سجن محسوس في نار محسوسة ،
وهي في الدنيا هذا المعني المذكور ،
لأن الآخرة محل تبرز فيه المعاني صورا محسوسة فافهم ،
وبعكسه الإنسان إذا كان الأ غلب عليه الأمور الروحانية ،
من دوام الفكر الصحيح واقلال الطعام والمنام والكلام
وترك الأمور التي تقتضيها البشرية ،
فإن هيكله يكتسب اللطف الروحي فيخطو علي الماء ويطير في الهواء
ولاتحجبه الجدران ولا يقصيه بعد البلدان ثم تتمكن روحه من محلها
لعدم الموانع وهي الإقتضاءات البشرية فيصير في اعلي مراتب المخلوقات،
وذلك هو عالم الأرواح المطلقة عن القيود الحاصلة
بسبب مجاورة الأجسام وهي المشار اليها في الآية بقوله ( إن الأبرار لفي نعيم )
ثم من غلبت عليه الأمور الإلهية من شهود مالله ،
وذلك أسماؤه الحسني وصفاته العلا مع تلك الأمور التي تقضيها البشرية والروحية
صار قدسيا فإن البشرية تقتضي الشهوات التي يقوم هذا الجسد بها
والأمور التي يعتادها الطبع ،
والروحية تقتضي الأمور التي يقوم بها ناموس الإنسان
من الجاه والإستعلاء والرفعة لأنها عالية المكان ،
الي غير ذلك ، فاذا ترك الإنسان هذه المقتضيات المذكورة بالروحية والبشرية
وكان دائم الشهود للسر الذي منه أصله ، ضهرت أحكام السر الإلهي فيه ،
فانتقل هيكله وروحه من حضيض البشرية إلي أوج قدس التنزيه ،
وكان الحق سمعه وبصره ويده ولسانه ، فاذا مسح بيده أبرأ الأكمه والأبرص ،
وإذا نطق لسانه بتكوين شئ كان بأمر الله تعالي
وكان مؤيدا بروح القدس كما قال في حق عيسي عليه السلام لما كان هذا وصفه
( وأيدناه بروح القدس )فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
فصل من كتاب الإنسان الكامل في معرفة الأواخر و الأوائل
لسيدي الشيخ عبد الكريم بن ابراهيم الجيلي
767 - 805 هـ
| |
|