مما ورد من القصص فى كتاب مولانا فريد الدين العطار (منطق الطير) حكاية عن مجنون ليلى ..وفيها يقول:
لم يكن أهل ليلى يسمحون للمجنون أن يحضر الى قبيلتهم..ولو للحظة..
وتصادف أن مر أحد الرعاة وقيس يجلس وحيدا فى الصحراء..
فما كان من المجنون الثمل..الا أن أخذ منه فرو خروف..ثم انحنى وألقى الفرو على رأسه فبدا شبيها بالخروف!
وقال للراعى استحلفك بالله..أن تتركنى أسير وسط القطيع..
وأستحلفك بالله أيها الكريم أن تسير بالقطيع صوب ديار ليلى..حتى أجد ولو للحظة ريح ليلى..
وقال للراعى..ان يصبك ألما مثل هذا ولو للحظة..تكن رجلا ونعم الرجل..وللأسف لم تصبك الام الرجال..اذ لابد للرجل من الألم..أما انت فلا علم لك به.
وأخيرا تخفى المجنون فى فراء الخروف وسار الى خيام ليلى المحبوبة مع القطيع..سار فى غاية السرور ..
بعد أن تملكه الاضطراب أول الأمر...سار..وقد فقد عقله واتزانه ..نشوة ..فى نهاية الأمر.
وما أن هاج عشقه حتى تصبب عرقه..فاخذه الراعى وحمله الى الصحراء,والقى الماء على وجه ذلك الثمل..لعل أوار تلك النار ينطفئ بفعل الماء..
وذات يوم جالس المجنون الثمل جمعا من أهل الصحارى..قال أحد اقربائه:لقد ظللت عاريا لفترة طويلة يا عالى الهمة الا من هذا الفراء !
أى رداء تأمر به لكى اتيك به فى التو..ان طلبت
.فقال المجنون: ليس كل رداء يليق بالحبيب..ولا رداء عندى أفضل من هذا الفرو..اننى أطلب الرداء من ذلك الخروف!!
كما أحرق البخور من عين السوء..ولقد رأيت وجه الحبيب وأنا فى هذا الفرو..فكيف أتخذ رداء غيره؟ولقد أدرك القلب سر الحبيب عن طريق هذا الفرو..
يقول العطار:العشق ضرورة حتى يحررك من عقلك..ثم يبدل صفاتك ويمحوها..وأقل شئ فى محو الصفات..هو هبة الروح وترك الترهات..
فاسلك الطريق ان كنت ذا همة..اذ لا مجال فيه للعب..بل ان كله مخاطرة..وأى مخاطرة؟