أمير جاد خادم المنتدى
عدد الرسائل : 477 تاريخ التسجيل : 06/01/2008
| موضوع: إبراهيم بن أدهم 161 هـ السبت يناير 19, 2008 11:48 am | |
| ^^^^^ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، أما بعد إبراهيم بن أدهم 161 هـ
ابرهيم بن أدهم، أبو اسحاق البلخي. ولد بمكة، وطافت به أمه على الخلق، وسألت الدعاء له أن يكون صالحاً فأستجيب لها، وترك الامارة، وما كان فيه. خرج متصيداً، فأثار ثعلباً -أو أرنباً- واذ هو طلبه، هتف به هاتف من قربوس سرجه: "والله! ما لهذا خلقت!، ولا بهذا أمرت!". فنزل عن دابته، وصادف راعياً أبيه، فأخذ جبته - وكانت من صوف - فلبسها، وأعطاه ثيابه وقماشه وفرسه. ثم دخل مكة، ثم الشام، لطلب الحلال. وكان يأكل من عمل يده. وصحب بمكة سفيان الثورى، والفضيل بن عياض. وتوفى بالجزيرة في الغزو، وحمل إلى صور - مدينة بساحل الشام، أو ببلاد الروم على ساحل البحر - فدفن بها سنة إحدى وستين ومائة. ومناقبه جمة، أفردها ابن الحلبى بالتأليف . واختلف -ليلة أن مات- إلى الخلاء نيفاً وعشرين مرة، في كل مرة يجدد الوضوء للصلاة، فلما أحس بالموت، قال: "أوتروا لى قوسى!" فقبض عليه، فقبضت روحه والقوس في يده.
ومن كلامه البديع: "الفقر مخزون في السماء، يعدل الشهادة عند الله، لا يعطيه إلا لمن أحبه". ومنه: "على القلب ثلاثة أغطية: الفرح، والحزن، والسرور. فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص، والحريص محروم. وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط، والساخط معذب. وإذا سررت بالمدح فأنت معجب، والعجب يحبط العمل. ودليل ذلك قوله تعالى: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم.
ومن كلامه: "قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تكثر الهم والجزع . وقال: "وجدت يوماً راحة، فطابت نفسي لحسن صنع الله بي، فقلت: اللهم! إن كنت أعطيت أحداً من المحبين لك ما سكنت به قلوبهم قبل لقائك فأعطني كذلك! فقد أضر بي القلق". فرأيت رب العزة في المنام، فأوقفني بين يديه، وقال لي: "يا إبرهيم! أما استحيت منى! تسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك قبل لقائى؟! وهل يسكن قلب المشتاق إلى غير حبيبه؟ ! أم هل يستريح المحب إلى غير من اشتاق إليه؟!". قال، فقلت: "يا رب! تهت في حبك، فلم أدر ما أقول !. قال ابرهيم بن بشار خادمه : "كنت ذات ليلة معه، وليس معنا شىء نفطر عليه، ولا لنا حيلة، فرآنى مغموماً، فقال: "يا ابن بشار! ماذا انعم الله تعالى على الفقراء والمساكين، من النعم والراحة دنيا وأخرى!. لا يسألهم يوم القيامة عن حج ولا زكاة، ولا صلة رحم ولا مواساة؛ وإنما يسأل ويحاسب هؤلاء المساكين، أغنياء في الدنيا، فقراء في الآخرة، أعزة في الدنيا، أذلة يوم القيامة. لا تغتم! فرزق الله مضمون سيأتيك!. نحن والله الملوك والأغنياء، قد تعجلنا الراحة في الدنيا، لا نبالي على أي حال أصبحنا أو أمسينا إذا أطعنا الله!" . ثم قام إلى الصلاة، وقمت إلى صلاتى، فما لبثنا غير ساعة، واذا نحن برجل قد جاء بثمانية أرغفة وتمر كثير؛ فوضعه بين أيدينا، وقال: "كلوا! رحمكم الله!" فسلم ابرهيم من صلاته وقال: "كل يا مغموم!" فدخل سائل وقال: "أطعمونى شيئاً!" فأطعمه ثلاثة أرغفة مع تمر كثير، وأعطانى ثلاثة، وأكل رغيفين، وقال: "المواساة من أخلاق المؤمنين".
وقال ابرهيم لشقيق: "علام اصلتم اصولكم؟" فقال: "اذا رزقنا أكلنا، واذا منعنا صبرنا". فقال ابرهيم: "هكذا كلاب بلخ! اذا رزقت أكلت، واذا منعت صبرت. ان أصلنا أصولنا على انا اذا رزقنا آثرنا، واذا منعنا حمدنا وشكرنا". فقام شقيق، وقعد بين يديه وقال: "انت استاذنا.
وحصد ابرهيم في المزارع عشرين ديناراً ودخل إلى أذنة، ومعه صاحب له. فأراد أن يحلق ويحتجم؛ فجاء إلى حجام، فحقره الحجام وصاحبه، وقال: "ما في الدنيا أحد أبغض إلى من هؤلاء! أما وجدوا غيري؟!" فقضى شغل غيرهما، وأعرض عنهما. ثم قال: "أي شيء تريدان؟" فقال ابرهيم: "أحتجم واحلق". ففعل به، وأما صاحبه فقال له: "لا أفعل ذلك!" لتهاونه بهما، ثم أعطاه ابرهيم الذي كان معه، فقال له صاحبه: "كيف ذاك؟!" فقال: "اسكت؟ لئلا يحتقر فقيراً بعده ". وروى انه كان يعمل في الحصاد وحفظ البساتين وغير ذلك، وينفق على من في صحبته من الفقراء. وكان يعمل نهاره، ويجتمعون ليلا إلى موضع، وهم صيام؛ وكان ابرهيم يبطىء فى رجوعه من عمله. فقالوا ليلة : "هلم نسبقه حتى لا يبطىء في رجوعه من عمله؟" ففعلوا وناموا. فجاء ابرهيم، فظن انهم لم يجدوا طعاماً، فأصلحه لهم، فأنتبهوا وقد وضع شيبته فى النار، وينفخ بها، فقالوا له في ذلك فقال: "ظننت إنكم نمتم جوعى لأجل العدم، فأصلحت لكم ذلك!". فقال بعضهم لبعض: "انظروا ما الذي عملنا، وما الذي يعاملنا به".
وقال سهل بن ابرهيم: "صحبته، فمرضت، فأنفق على نفقته، فاشتهيت شهوة، فباع حماره وأنفق على. فلما تماثلت قلت أين الحمار؟. قال: بعناه!. فقلت: ماذا أركب؟! فقال: يا أخي! على عنقي. فحملني ثلاثة منازل".
وقال: "أتيت ليلة بعض المساجد لأبيت فيه، وكانت ليلة باردة، فلم أمكن، وجررت برجلي إلى مزبلة؛ فرأيت أتون حمام، ووقاداً يوقد، فسلمت عليه، فلم يرد السلام حتى فرغ من عمله؛ وكان يلتفت يميناً شمالا، فقلت: "يا هذا! لم لا ترد على السلام فى وقته؟!"، فقال: "كنت مستأجراً فخفت أن اشغل معك، فأقصر في عملي، فآثم؛ والتفاتي خوف الموت، لا أدرى من أين يأتيني". قلت: "فبكم تعمل كل يوم؟" قال: "بدرهم ودانق، فأنفق الدانق على نفسي، والدرهم على أولاد أخ لي في الله، مات منذ عشرين سنة". قلت: "فهل سألت الله تعالى حاجة قط؟" قال: "نعم! سألته في حاجة منذ عشرين سنة، وما قضيت بعد! " قلت: "ما هي؟" قال: "أن يريني ابرهيم بن أدهم، فأموت!" فقلت "والله! ما رضى بي أن آتيك إلا سحباً على وجهي! أنا هو". فعانقني، ووضع رأسه في حجري، ثم قال: "إلهي! قضيت حاجتي، فاقبضني إليك!" ومات من ساعته
وقال شقيق: "كنا عنده يوماً، إذ مر به رجل، فقال: "أليس هذا فلاناً؟" فقلنا: "نعم!" فقال الرجل: "أدركه. وقل له: لم لم تسلم؟" فقال له: "أن امرأتي وضعت، وليس عندي شيء، فخرجت شبه المجنون" فقال: "أنا لله! غفلنا عن صاحبنا!". ثم أستقرض له دينارين، وأمر أن يشترى له بدينار ما يصلح، ويدفع أليه الآخر. فدفع ذلك إلى زوجته، فقالت: "اللهم! لا تنس هذا اليوم لابرهيم!"، ففرح فرحاً لم يفرح مثله قط".
وركب مرة البحر، فقال عليهم، فلف رأسه في عباءة ونام. فقيل له: "ما ترى ما نحن فيه من الشدة؟!" فقال: "ليس هذا شدة! الشدة الحاجة إلى الناس". ثم قال: "اللهم! أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك!". فصار البحر كأنه قدح زيت.
وقال ابراهيم: مررت ببعض بلاد الشام، فإذا حجر مكتوب عليه: كل حى وان بقى فمن العين يستقي فاعمل اليوم واجتهد واحذر الموت يا شقي فقعدت زماناً أقرأه وأبكي
وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت: للقمة بجريش الملح آكلها ألذ من تمرة تحشى بزنبور
ومن أصحابه شقيق بن ابرهيم البلخى، أبو على، من كبار مشايخ خراسان. حدث عن أبى حنيفة، وكان استاذ حاتم الأصم.
مات شهيداً فى غزوة كولان، سنة أربع وتسعين ومائة، حكاه ابن عساكر. وجزم ابن الجوزى، في "المنتظم" بأنه مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. وأخبر عن نفسه في تلك الغزوة أنه رأى نفسه في ذلك اليوم كيوم الزفاف، ونام بين الصفين، حتى سمع غطيطه.
قيل: كان سبب زهده أنه رأى مملوكا يلعب ويمرح فى زمن قحط، فعاتبه، فقال: "لمولاى قرية يدخل له منها ما يحتاج إليه!" فانتبه شقيق، فقال: "هذا مولاه مخلوق، ومولاى أغنى الأغنياء!" فترك ما في بيته، وتخلى للعبادة . ومن كلامه: "التوكل طمأنينة القلب لموعود الله
"من شكا مصيبة نزلت به إلى غير الله لم يجد في قلبه حلاوة لطاعة الله ومنه: "اذا أردت أن تكون فى راحة فكل ما أصبت، والبس ما وجدت، وارض بما قضى الله عليك".
وقال: "ليس شيء أحب إلى من الضيف، لأن رزقه ومؤنته على الله، وأجره لي
وقال: "إن أردت أن تعرف الرجل، فانظر إلى ما وعده الله، ووعده الناس، بأيهما يكون قلبه أوثق!".
وقال: "تعرف تقوى الرجل في ثلاثة أشياء : في أخذه، ومنعه، وكلامه
وسئل: "ما علامة التوبة؟" فقال: "إدمان البكاء على ما سلف من الذنوب، والخوف المقلق من الوقوع فيها، وهجران أخوان السوء، وملازمة أهل الخير
وقيل له: "ما علامة المطرود؟" فقال: "إذا رأيته منع الطاعة واستوحش منها قلبه؛ وحلاله المعصية واستأنس بها؛ ورغب في الدنيا وزهد في الآخرة؛ وشغله بطنه وفرجه؛ ولم يبال من اين أخذ الدنيا؛ فاعلم انه عند الله مباعد، لم يرضه لخدمته
والتقى هو وابرهيم بن أدهم بمكة، فقال له ابرهيم: "ما بدء حالك الذي بلغك هذا؟" قال: "سرت في بعض الفلوات، فرأيت طيراً مكسور الجناحين، في فلاة من الأرض، فقلت: انظر من أين يرزق هذا!. فإذا أنا بطير قد أقبل، وفى فيه جرادة، فوضعها في منقاره. فاعتبرت وتركت الكسب، وأقبلت على العبادة". فقال ابرهيم: "ولم لا تكون أنت الذي أطعم المكسور، حتى تكون أفضل منه؟!. أما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم : (اليد العليا خير من اليد السفلى)؛ ومن علامة المؤمن أن يطلب أعلى الدرجتين فى أموره كلها، حتى يبلغ منازل الأبرار!" فأخذ شقيق يده يقبلها، وقال له. "أنت أستاذنا!". | |
|