من موقف الوقفة
--------------------------
أوقفني في الوقفة وقال لي إن لم تظفر بي أليس يظفر بك سواي.
وقال لي من وقف بي ألبسته الزينة، فلم ير لشيء زينة.
وقال لي تطهر للوقفة وإلا نفضتك.
وقال لي إن بقي عليك جاذب من السوى لم تقف.
وقال لي الوقفة نورية تعرف القيم وتطمس الخواطر.
وقال لي الوقفة وراء الليل والنهار ووراء ما فيهما من الأقدار.
وقال لي دخل الواقف كل بيت فما وسعه، وشرب من كل مشرب فما روي،
فأفضى إلي وأنا قراره وعندي موقفه.
وقال لي إن دعوتني في الوقفة خرجت من الوقفة،
وقال لي ليس في الوقفة ثبت ولا محو ولا قول ولا فعل ولا علم ولا وجهل.
وقال لي الوقفةمن الصمدية فمن كان بها ظاهره باطنه وباطنه ظاهره.
وقال لي لا ديمومية إلا لواقف، ولا وقفة إلا لدائم.
وقال لي للوقفة مطلع على كل علم وليس عليها مطلع لعلم.
وقال لي من لم يقف بي أوقفه كل شيء دوني.
وقال لي الواقف يرى الأواخر فلا تحكم عليه الأوائل.
وقال لي الوقفة تعتق من رق الدنيا والآخرة.
وقال لي كاد الواقف يفارق حكم البشرية.
وقال لي الوقفة باب الرؤية، فمن كان بها رآني ومن رآني بها وقف،
ومن لم يرني لم يقف.
وقال لي لو كان قلب الواقف في السوى ما وقف، ولو كان السوى فيه ما ثبت.
وقال لي الواقف يبعد بقرب العالمين، ويحتجب بعلوم العالمين.
وقال لي إن وقفت بي فالسوى حرمي فلا تخرج إليه فتنحل مني.
عادت الكونية إلى الأولية، ورجعت الأولية إلى الديمومية،
فلا علمها فارقها ولا معلومها غاب عن عملها،
ورأيتني فرأيت الحق لا فيه وقوف فتعرفه، ولا سير فتعبره.
وقال لي الواقف يرى العلم كيف يضيع المعلوم، فلا ينقسم بموجود،
ولا ينعطف بمشهود.
وقال لي من لم يقف رأى المعلوم ولم ير العلم،
فاحتجب باليقظة كما يحتجب بالغفلة.
وقال لي الواقف لا يروقه الحسن، ولا يروعه الروع، وأنا حسبه والوقفة حده.
وقال لي إن تواريت عنه في المشهود شاهد شكي ضر فقدي لا ضر الشاهد.
وقال لي حار كل شيء في الواقف، وحار الواقف في الصمود.
وقال لي الوقفة روح المعرفة والمعرفة روح العلم والعلم روح الحيوة.
وقال لي كل واقف عارف، وما كل عارف واقف.
وقال لي الواقفون أهلي، والعارفون أهل معرفتي.
وقال لي أهلي الأمراء، وأهل المعارف الوزراء.
وقال لي للوقفة علم ما هو الوقفة، وللمعرفة علم ما هو المعرفة.
وقال لي يموت جسم الواقف ولا يموت قلبه.
وقال لي دخل المدعي كل شيء فخرج عنه بالدعوى وأخبر عنه بالدخول
إلا الوقفة، فما دخلها ولا أخبر عنها ولا يخبر عنها.
وقال لي إن كنت في الوقفة على عمد فأحذر مكري من ذلك العمد.
وقال لي الوقفة تنفى ما سواها كما ينفي العلم الجهل.
وقال لي أطلب كل شيء عند الواقف تجده، وأطلب الواقف عند كل شيء لا تجده.
وقال لي ترتب الصبر على كل شيء إلا على الوقفة، فأنها ترتبت عليه.
وقال لي إذا نزل البلاء تخطى الواقف، ونزل على معرفة العارف وعلم العالم.
وقال لي يخرج الواقف بالإئتلاف كما يخرج بالاختلاف.
وقال لي الوقفة يدي الطامسة ما أتت على شيء إلا طمسته،
ولا أرادها شيء إلا أحرقته.
وقال لي من علم علم شيء كان علمه إيذاناً بالتعرض له.
وقال لي الوقفة جواري وأنا غير الجوار.
وقال لي لا يقدر العارف قدر الواقف.
وقال لي الوقفة عمود المعرفة والمعرفة عمود العلم.
وقال لي الوقفة لا تتعلق بسبب ولا يتعلق بها سبب.
وقال لي لو صلح لي شيء صلحت الوقفة، ولو أخبر عني شيء أخبرت الوقفة.
وقال لي معرفة لا وقفة فيها مرجوعها إلى الجهل.
وقال لي الوقفة ريحي التي من حملته بلغ إلي، ومن لم تحمله بلغ إليه.
وقال لي إنما أقول قف يا واقف أعرف يا عارف.
وقال لي العلم لا يهدي إلى المعرفة والمعرفة لا تهدي إلى الوقفة
والوقفة لا تهدي إلي.
وقال لي العالم في الرق والعارف مكاتب والواقف حر
.
وقال لي الواقف فرد والعارف مزدوج.
وقال لي العارف يعرف ويعرف الواقف يعرف ولا يعرف.
وقال لي الواقف يرث العلم والعمل والمعرفة ولا يرثه إلا الله.
وقال لي أحترق العلم في المعرفة وأحترقت المعرفة في الوقفة.
وقال لي كل أحد له عدة إلا الواقف وكل ذي عدة مهزوم.
وقال لي الوقفة تعين سرمدي لا ظن فيه.
وقال لي العارف يشك في الواقف والواقف لا يشك في العارف.
وقال لي ليس في الوقفة واقف وإلا فلا وقفة،
وليس في المعرفة عارف وإلا فلا معرفة.
وقال لي ما بلغت المعرفة من لا يقف، ولا نفع علم من لم يعرف.
وقال لي العالم يرى علمه ولا يرى المعرفة، والعارف يرى المعرفة ولا يراني،
والواقف يراني ولا يرى سواي.
وقال لي الوقفة علمي الذي يجير ولا يجار عليه.
وقال لي الوقفة ميثاقي على كل عارف عرفه أو جهله،
فأن عرفه خرج من المعرفة إلى الوقفة، وان لم يعرفه امتزجت معرفته بحده.
وقال لي الوقفة نوري الذي لا يجاوزه الظلم.
وقال لي الوقفة صمود والصمود ديمومة والديمومة لا يقوم لها الحدثان.
وقال لي لا يرى الحقيقة إلا الواقف.
وقال لي الوقفة وراء البعد والقرب، والمعرفة في القرب، والقرب من وراء،
والعلم في البعد هو حده.
وقال لي العارف يرى مبلغ علمه والواقف من وراء كل مبلغ.
وقال لي الواقف ينفي المعارف كما ينفي الخواطر.
وقال لي لو أنفصل عن الحد شيء أنفصل الواقف.
وقال لي العلم لا يحمل المعرفة أو تبدو عليه،
والمعرفة لا تحمل الوقفة أو تبدو عليها.
وقال لي العالم يخبر عن العلم، والعارف يخبر عن المعرفة،
والوافق يخبر عني.
وقال لي العالم يخبر عن الأمر والنهي وفيهما علمه،
والعارف يخبر عن حقي وفيه معرفته، والواقف يخبر عني وفي وقفته.
وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من نفسه والواقف أقرب إلي من كل شيء.
وقال لي إن خرج العالم من رؤية بعدي أحترق،
وان خرج العارف من رؤية قربي أحترق، وان خرج الواقف من رؤيتي أحترق.
وقال لي الواقف يرى ما يرى العارف وما هو به، والعارف يرى ما يرى العالم
وما هو به.
و قال لي العلم حجابي والمعرفة خطابي والوقفة حضرتي.
و قال لي الواقف لا يقبله الغيار ولا تزحزحه المآرب.
و قال لي حكومة الواقف صمته وحكومة العارف نطقه وحكومة العالم علمه.
و قال لي الوقفة وراء ما يقال، والمعرفة منتهى ما يقال.
و قال لي في الوقفة تعرف كل فرق.
وقال لي قلب الواقف على يدي وقلب العارف على يد المعرفة.
و قال لي العارف ذو قلب والواقف ذو رب.
و قال لي عبر الواقف صفة الكون فما يحكم عليه.
وقال لي لا يقر الواقف على شيء و لا يقر العارف على فقد شيء.
وقال لي لا يقر الواقف على الكون و لا يقر عنده كون.
وقال لي كل شيء لي والذي لي مما لي الوقفة.
وقال لي الوقفة نار الكون والمعرفة نور الكون.
وقال لي الوقفة تراني وحدي والمعرفة تراني وتراها.
لا معرفة ولا وقفة.
وقال لي أخباري للعارفين ووجهي للواقفين.